إصلاح التعليم: رؤية إسماعيل الفاروقي للتكامل المعرفي في النظام الجامعي
قضية إصلاح التعليم من أهم وأخطر القضايا في حياتنا. إن الإصلاح التربوي هو مشروع لتغيير وتطوير النظام التربوي في إطار عملية الابتكار. وبذلك، فإن فهم عملية إصلاح وتطوير مؤسسات التعليم بمراحله المختلفة يجب أن يهدف إلى الوصول إلى نظام تعليمي يقوم على أساس علمي وأخلاقي. ومن أجل ذلك، لا بد لنا أن نعطي اهتماماً مستمراً بالجوانب ذات الصلة بالتعليم. فضلاً عن أن المؤسسات التربوية ليست ميداناً للتدريس فحسب، بل اتسعت مهامها لتكون مراكز للبحث، والتخطيط للمستقبل، وخدمة المجتمع. على هذا النحو، فإن إصلاح التعليم يمثل منظومة التعليم العالي والبحث العلمي مدخلاً أساسياً وشرطاً ضرورياً لتحقيق الإصلاحات. ومن هنا يمكن القول إن أهمية الجامعة ليست في مجال التدريس والبحث العلمي فقط، بل تستند على أهميتها ودورها في المجتمع. ولا بد للجامعة أن تضع تصوراً واضحاً، وكذلك أهدافاً وفلسفة واضحة.
لقد شهدنا ظهور العديد من المفكرين والمدارس
الإصلاحية مثل إسماعيل راجي الفاروقي. وكان إسماعيل الفاروقي من أبرز شخصيات
الإصلاح الفكري الإسلامي وجهود النهوض الحضاري للأمة. فقد ولد سنة 1921م بفلسطين،
وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وسخر حياته للدراسة والبحث العلمي. بناءً
على تلك الشخصية المميزة، وعى الفاروقي أهمية التكامل المعرفي بين العلوم
الاجتماعية والإنسانية. درس الفلسفة الغربية في أمريكا، وبعد ذلك، ذهب إلى جامعة
الأزهر حيث قضى نحو خمس سنوات يكتب ويبحث حول العلوم التي تخصص فيها.
بدأ الفاروقي حركته الإصلاحية في جانبها العملي
بتأسيس جمعية علماء الاجتماعيات المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية. كذلك
أسهم مع نخبة إسلامية علمية في الإعداد للمؤتمر الدولي الأول للتربية الإسلامية في
مكة المكرمة، وقدم في المؤتمر بحثاً بعنوان "إعادة صياغة العلوم الاجتماعية
في ضوء الإسلام"، والذي نقد فيه الأسس الفلسفية للنموذج المعرفي الغربي، ودعا
إلى ضرورة فتح باب النقاش والدراسة لإعادة صياغة العلوم الاجتماعية بمنظور إسلامي.
من المعلوم أن الفاروقي هو أول من انتخب لرئاسة المعهد العالمي للفكر الإسلامي. وكان المعهد العالمي للفكر الإسلامي مؤسسة فكرية علمية خيرية مستقلة، تعمل في ميدان الإصلاح الفكري والمعرفي، بوصف ذلك واحداً من منطلقات المشروع الحضاري الإسلامي المعاصر، ويوجه خطابه إلى العلماء والمفكرين والباحثين وجمهور المثقفين للعمل على إصلاح الفكر والمنهجية الإسلامية على مستوى الأمة، متجاوزاً حدود اللغة والإقليم. يمثل المعهد منبراً متميزاً يعمل ضمن المنظور الإسلامي لتنفيذ مشروعات الأبحاث، وعقد المؤتمرات والندوات، ونشر الكتب والدوريات العلمية المحكمة. يتعامل المعهد مع مصادر التراث الإسلامي والمعرفة الإنسانية المعاصرة؛ لبلورة تيار فكري إسلامي متميز، يمهد لاستعادة قدرة الأمة على العطاء الفكري والنهوض الحضاري.
بناءً على ذلك، تبنى المعهد العالمي للفكر الإسلامي تفهم طبيعة أزمة الفكر الإسلامي المعاصر، أسبابها ومعالجتها، خاصة لتطوير مناهجه وربطه بالمقاصد والغايات والكليات الإسلامية الأصلية النابعة من القرآن والسنة. بعبارة أخرى، هدفه هو إقامة نظام معرفي شامل ومتكامل يؤلف بين معرفة الخالق ومعرفة ما خلق. فضلاً عن ذلك، رأى الفاروقي أن الإصلاح التعليمي يجب أن يركز على الكشف عن العلل التي تواجه نظام التعليم الجامعي، وأدرك أن أزمة الأمة الإسلامية تكمن في نظامها التعليمي، فاهتم بالتعليم الجامعي. ولذلك، دعا إلى جامعة قائمة على مبدأ التكامل المعرفي. فما هي عناصر رؤية الفاروقي للإصلاح الجامعي القائم على التكامل المعرفي؟ بعبارة أخرى، يجب أن تقدم الحركة الإصلاحية للفاروقي المسلمين بالطريقة الصحيحة، لأن هذه قضية مهمة في إصلاح التعليم.
Post a Comment for "إصلاح التعليم: رؤية إسماعيل الفاروقي للتكامل المعرفي في النظام الجامعي"